لفافتين تبغ وقصة
يكره
الإنتظار ولكن إذا كانت هي من ينتظرها فلا مانع لديه ، يجلس علي طاولة في احد أركان
المقهي منعزلا ، الطابق العلوى للمقهي في تلك الساعة من الصباح يكون خاليا ، وتلك
النافذة أمامه توفر له رؤية تلك الكائنات التعيسة التي تشبه البشر ، ٱخرج علبة
لفائف التبغ وأشعل لفافة ، بدأ ينفث الدخان وهو يمسك بلحيته التي طالما كرهتها ، أحس
بخطوات خلفه لم يحتاج لأن يدير رأسه ليعرف أنها هي , فهو يميز عطرها جيدا ، جلست
أمامه ، استمر بنفث دخانه كأن شئ لم يحدث ، ابتسمت له ، اطفئ لفافته ببرود تام ثم
نظر إليها لعده ثواني ، لم يستطع أن يقاوم التأمل فى تلك العينين , التى كانت من أكبر أسباب حبه له ،
أشاح نظره إلي النافذة وقال
_كل
يوم أراكى , هل تعرفى لم تتغيرى كثيرا بعد
كل تلك السنين .
_وأنت
كذلك ، مازلت بارد المشاعر كما أنت .
_هذا
شئ لابد منه لأستطيع العيش هنا .
_لم
تجد عمل بعد ؟
ارتسمت
علي وجهه إبتسامة ساخرة وهو مازال ينظر إلي النافذة، أخذت لفافة تبغ وأشعلتها ثم أكملت
_أظنك
لم تجد .
_لا
، أنتِ تعرفي بسبب حالتي أنا عاطل إلا عن الكتابة .
_أمازلت
تحب الكتابة .
نظر
إليها وأدمعت عينيه ثم قال
_كما
أحبك ، حاولت منذ سنين أن اتخطي ذلك ولكن قلبي يقف في الماضي .
_ لم
تقابل شخص أخر ؟
_لا
أحد يهتم بمن مثلي ، شخص بدين كسول ، هم فقط يقولون تفكيرك جيد, يأتون إلي لأحل
مشاكلهم ، لأخذ بضع النصائح ، لا أحد يهتم ، لا أحد سواكِ.
_أنا
أسفة .
صمت
قليلا ، ونظر إليها ، مد يده إلي وجهها وبدأ يتحسس خدها ، شفتيها ،أمسك يدها
وقبلها ، قال
_لا
تأسفي ، أنا فقط حزين ، حين كنت صغيرا كنت سعيدا للغاية ،يقولون أنت تحزن حين تعرف الحب ، وتحزن أكثر حين تفقده ،
لقد وجدتك حين كنت منبوذا ، شخص غير صالح للحياة ، هناك أوقات أنت تعرف حينها أن
الحياة لن تستمر هكذا ، حدث ذلك في المقهي هنا حين فقدتك .
بدآت
تظهر علي وجهها علامات الغضب وهو يكمل
_أعرف
أنك ميتة ، فقدتك هنا حين حرق المقهي ، لا أنسي ذلك اليوم ، لم استطع العيش بعد
ذلك كإنسان طبيعي ، وجه محروق ورجل تعرج ، انا اشبه بالمسوخ الآن ، انا اسف سأذهب
لطبيب من الغد .
وقف
وهو ينظر حوله ، لم يلتفت إليها وهي تصرخ ، لطالما أحب ذلك المكان قبل أن يصبح
رمادا ولكن عليه أن يتخطي كل ذلك ،عليه أن يتخطاه , أشعل لفافة تبغ وغادر المقهى
تعليقات
إرسال تعليق